سوء الفهم المتبادل: اختبار مهارات الاتصال والتواصل
سوء الفهم المتبادل: اختبار مهارات الاتصال والتواصل
يأتي سوء الفهم
المتبادل في قمة الأسباب المؤدية لقطع العلاقات والصلات
الانسانيه ويقف "تاريخ الاتصال" مليا على
الأيام الأولى من عمر البشرية ليوثق لتواصلات الإنسان الأول بما يحيط به من
موجودات دنيا تشبهه في بعض الجوانب وتتفوق عليه في جوانب اخرى، وموجودات عليا
يتطلع اليها باعتبارها القدوة أو المثال الأعلى.
والانسان في قصص الشعوب وأساطير الأولين متطلع بقوته الموجبة إلى الملأ الأعلى بينما يتوجه بصراعاته العنيفة أفقيا مع من يشاركونه الحياة غالياَ. وهذا ما جعل الحروب تمثل أسوأ النتائج الممكنة لسوء الفهم المتبادل.
خلال القرن العشرين ، بحسب ما يذكره مؤلفا مقال "مشكلة الاتصال في سياق الوحدة والتوافق الوطني" أصبحت مشاكل الاتصال والتواصل الاجتماعي واحدة من الموضوعات الفلسفية المركزية والفعلية التي شارك فيها مفكرون من مختلف الفروع ، أي من الفينومينولوجيا المتعالية لإدموند هوسرل والفلسفة التحليلية إلى الفلسفة الوجودية والتأويل الفلسفي وما بعد الحداثة المعاصرة. دراسة العمليات الإعلامية والتواصلية المختلفة ، الخطاب الرمزي «الممارسة» ، مشاكل فهم الأشكال «الأخرى» للتفاعلات الاجتماعية ، منهجية المعرفة الاجتماعية والتاريخية ، «نظرية الفعل التواصلي» ، نسخ «أخلاقيات الخطاب». ، فلسفة اللغة ليسا سوى بعض الاتجاهات النظرية العديدة حيث تم تحقيق الاتجاه العام للفهم الفلسفي للتواصل. فكيف يكون شاغلنا في القرن 21 هو سوء الفهم المشترك؟ mutual misunderstanding
واذا كان سوء الفهم المشترك (Mutual misunderstanding) هو اول مشكلات التواصل والحروب أسوأ نتائجه الممكنة فما هي مسببات سوء الفهم المتبادل وما هو حل هذه المشكله؟ |
|
· سوء الفهم المشترك · سيطرة منطق الوسيلة على الرسالة · اللغة الفلسفية لدراسات الاعلام والاتصال · الفجوة بين النظرية الاعلامية والتطبيقات التواصلية |
|
١- سوء الفهم المشترك:
تبدأ القصة الأولى مع الإنسان الأول واسرته الصغيرة التي نزلت الى كوكب الارض برصيد من مشكلات لا تكاد تنتهي احداها حتى تتولد مشكلة جديدة، ولكل منها سببه كان لسوء الفهم والأطماع الذاتيه في زعزعة الروابط وخلق ما يمكن تسميته بمشكلة الاتصال الأولى،
وفي زمن الفيلسوف اليوناني سقراط كان السؤال
الفلسفي هو المسيطر على الساحة فكرس نفسه لمواجهة مسببات سوء الفهم وتشيع الحوار
الانساني الذي غايته هي تحقيق قدر من الفهم المشترك
وتظهر توثيقات أفلاطون لمحاورات استاذه سقراط أنه سعى لمحاورة الجميع مستهدفاً تحقيق الفهم المشترك Mutual Understanding بين مكونات المجتمع الأثيني، ومعلوم أن الحوار هو التجسيد الأولي لعملية التواصل، وعندما تكون القضية العقلية هي الأكثر حضوراً كما هو الحال في المجتمع الإغريقي القديم فإن يصبح هو الغاية من الاتصال بأشكاله المختلفة، وهو ما رهن له سقراط نفسه فاهتم بالحوار، مبتدأ بحوارات مباشرة مع كبار السفسطائيين، وأحسن أفلاطون بتوثيقه لتلك المحاورات.
. وقد يعني الفهم المشترك الضرورة العقلية والبداهة بلغة الفلاسفة العرب.
وكان التواصل قد بدأ نوعا من التفكير المترابط الذي تعمل فيه الوسيله مع الرساله بطريقه تتناسب مع الهدف والمقصد الذي يرجوه المتواصلون. ، ويجب الا نتناسى هنا حُجَج "السيميائيين" في القول بأن الاتصال فعل متجاوز للغة في أنساقها التقليدية وأن محققات الفهم المشترك ومحفزاته ليست –على الدوام- رسائل لغوية منطوقة أو حتى مكتوبة.
والفهم المشترك عند أصحاب المدرسة الاسكتلندية :
مرادف للحس المشترك الذي هو مجموعة الآراء المشتركة بين الناس وعليه قامت فلسفتهم الواقعية. ويطلق في الاستعمال الحديث على مجرد المشهورات والآراء المسلم بها عند الناس كافة. والحس المشترك إدراك الأشياء بالحدس والبداهة إدراكا مشتركا بين أعضاء مجموعة متجانسة ثقافيا.
٢-سيطرة منطق الوسيلة على الرسالة:
مفارقة تظهر عندما ندخل الى مؤسسات وكليات الاعلام والاتصال ونجد ان لهم علاقه متوتره مع مؤسسات وأجهزة الاعلام والاتصال. فالذين يعملون في التلفزيون لا يتابعون البرامج التي يساهمون في انتاجها ولا يتابع المقدمون برامج التلفزيون ولا يستمع المذيعون الى البرامج التي يقدمونها كذلك فان طلاب الاعلام والاتصال يستخدمون اجهزه الموبايل الذكيه باهظه الثمن في كل شيء سوي التطبيقات ذات العلاقه مهنتهم الاعلاميه في حين بجد منتمين الى مهن اخرى يجنون أرباحا طائلة من وسائل الاعلام والاتصال الرقمي
ولا يخفى طلاب الاعلام والاتصال ضيقهم من الصبغه الفلسفيه لدراسات وعلوم الاتصال المعاصرة
***
٣-اللغة الفلسفية لدراسات الاعلام والاتصال
وقد يكون طلابنا صادقون في وصفهم لدراستهم بغلبة الصبغه الفلسفيه مع كون الاعلام والاتصال مجالات تطبيقيه في الاساس فالنقاش الفلسفي الساعي الى تحديد موضوعات البحث في فلسفة الاتصال يركز اهتمامه على الابعاد الوجودية والمعرفية بجانب طبيعة الانسان البيولوجية وبنيته القيمية حيث تهتم الادبيات الكلاسيكية بموضوعات تجريدية مثل:
أنطولوجيا التواصل وجدل البدايات. وسؤال البيولوجيا من خلال جدلية الإنسان ككائن تواصلي أم حيوان ناطق؟.
لقد برز الاتصال في الفلسفة اليونانية في حوارات سقراط مع السفسطائيين وتأسيسات أفلاطون وتوثيقاته لتلك الحوارات محاولاً استخلاص مضمونها الفلسفي والقيمي والذي جاء أرسطو لينسج منه أحد أهم وأقدم النظريات الاتصالية. أما الفلسفة الإسلامية التي وصلتنا بما سبق من فلسفة اليونان وظهر تأثرها بها في النسق الذي رسمه الفارابي للاتصال بين سكان المدينة الفاضلة، والذي ابتدعه ابن رشد لمواضع الاتصال بين العلوم والمعارف.
٤-الحاجة الملحة لنظرية اتصالية:
فجوة ظاهرة بين النظرية الاعلامية وتنامي التطبيقات التواصلية وتأثيراتها اجتماعيا وثقافيا أولا واقتصاديا وسياسيا ثانيا وهو ما يسوقنا للبحث في التاريخ والفلسفه، فقد اصبحت الحاجة ملحة إلى نظرية اتصالية تفسر بفلسفيتها الظواهر السابقة وتحدد بتاريخيتها من أين يمكن أن تبدأ دراسة الفكر الاتصالي؟ وما هي ملامح التاريخ الضمني والصريح
لتواصلات البشر ومعارفهم في هذا الجانب والتنقيب في حقب التفكير الانساني عن جذور التفكير الاتصالي وتاريخ يوتوبيا الاتصال.
القضايا المتعلقة بالاتصال، سواء كانت شخصية أو جماعية أو تنظيمية أو مؤسسية وهو كما يقول مؤسسوه لا يدرس ما يجب أن يكون عليه التواصل، ولا كيف يجب أن نتواصل. إنه فهم للاتصال يسمح بمناقشة تاريخ الاتصال، يفترض أن ماهية الاتصال وكيف تتواصل المجتمعات وما كانت تستخدمه من وسائل للاتصال، هو في المقام الأول نتيجة لحالة ثقافة معينة. وعلى النقيض من نماذج الإرسال التي تركز على تحليل العناصر المتزامنة (القناة، المرسل، المرسل، إلخ.)، يتم التركيز هنا على الأجهزة الثقافية للمتصلين." ويساهم إلى جانب ذلك في صياغة المشهد العام للفكر الاتصالي.
في البيت والشارع والعمل كثيرا ما تنتهي الحوارات بيننا و بين افراد الاسره الزملاء و الاصدقاء الى نهايات غير التي نريدها ما الذي يحدد مصير تواصلتنا مع الاخرين؟
لماذا يفهم البعض كلماتنا على غير المعنى الذي نقصده؟
يفترض هذا المقال أن هناك اسباب واضحه لسوء الفهم المتبادل يمكن تجنبها لننعم بتواصل جيد مع الاخرين.
ولان الفهم مزيج من المنطق واللغه والتواصل نحاور في هذا المقال العابر للتخصصات سقراط الفيلسوف وعالم اللغه تايلور والمدون باسكال.
إنها محاولة أخرى للتعامل مع مشكلات الاتصال والتواصل في عصر التشبيك و العولمة Globalization و المعلوماتية
سقراط وإمكان الفهم المشترك:
يعتقد الفيلسوف اليوناني سقراط أن الوصول إلى "الفهم المشترك" هو الهدف الكلي للحوار الإنساني وهو الهدف النهائي لنشاط الخطباء والمفكرون الإعلاميون والكتاب.
هلا يرحمهم سؤال أساسي: هل يفهم الآخرون ما نقوله أو نكتبه؟ وهل نفهمهم خبراء لما تكتب؟ .. من جانبهم يدعي منظرو اللغة والبلاغة والاتصال أن لهم اسئلتهم حول "ما الذي" نفهمه و "كيف " نفهمه ، بدلاً من ذلك السؤال المنطقي الذي حرك سقراط حول "ما إذا كنا" نفهم بعضنا البعض.
متى يحدث سوء الفهم المتبادل؟
.. من هذه الزاويه اللغويه التواصليه يقدم تالبوت جي تايلرTalbot J. Taylor كتابه المستفز (سوء الفهم المتبادل Mutual Misunderstanding Scepticism and the Theorizing of Language and Interpretation) ويطرح شرحا ما بعد حداثي لفرضية "سوء الفهم المشترك" التي غلبت على الاتصال فيما بعد ثورة المعلومات. ،يوضح تيلر ، أن الشكوك الدائرة حول الفهم التواصلي لها في الواقع وظيفة مهمة للغاية ، وإن لم يتم الاعتراف بها بعد ، في بناء نظريات اللغة
ويبدو كتاب تيلر عميقا وهو يقدم تحليلا أصليًا لافتا للأنماط البلاغية الكامنة وراء الفكر اللغوي الغربي ، كما يتضح في أعمال جون لوك ، وجاك دريدا ، وجوتلوب فريج ، وجوناثان كولر ، ونعوم تشومسكي ، وفرديناند دي سوسور ، وإتش بول جريس ، ومايكل دوميت ، وستانلي فيش. وألفريد شوتز وباربرا هيرنشتاين سميث وهارولد جارفينكل وآخرين.ويكشف هذا التحليل كيف ، من خلال التأثير المشترك للنداءات إلى "المنطق" والقلق بشأن الآثار المترتبة على النسبية ، أن للشك دور حاسم في التطور الخطابي لعدد من التخصصات الفكرية التي تشكل "العلوم الإنسانية" اليوم ، بما في ذلك النظرية النقدية ، التأويل الأدبي ، فلسفة اللغة والمنطق ، نظرية الاتصال ، تحليل الخطاب والمحادثة ، البراغماتية ، الأسلوبية ، وعلم اللغة.
وقد عد "مايكل ماكوفسكي ، من جامعة فوردهام" ان تايلور كتب كتابًا معقدًا واستفزازيًا حول مركزية الأسئلة حول الاتصال في النظرية اللغوية الحديثة وفلسفة اللغة. إنه لا يجادل فقط للدور الذي لعبه التشكك في التواصل في تنظير اللغة والتفسير ، ولكنه يشير بحق إلى الأهمية الأوسع لهذه القضايا وتداولها وللمخاوف المنتشرة حول وجهات النظر العالمية غير المتكافئة والأطر المفاهيمية والشكوك حول قدرتنا على فهم الثقافات الأخرى أو حتى مجموعات أخرى داخل ثقافتنا. . . . وترى "جانيت سكوبين ، مجلة الاتصالات " أن كتاب "سوء الفهم المتبادل" يقارن وينتقد ثماني نظريات مركزية للغة في إطار جديد تمامًا . ويستخدم باسكال العدد ثمانيه في مقاله حول الاتصال أسباب سوء التواصل وسوء الفهم فجعل عنوانه ( ٨ أسباب شائعة لسوء التواصل وسوء الفهم)
أسباب سوء الفهم والتواصل:
1 - التواصل الضمني مقابل التواصل الصريح:
ومدى اتفاق رسالتنا مع نيتنا دون تلميح. فغالبًا ما ينشأ سوء التواصل من اختلال المعنى الصريح والضمني بين المرسل والمستقبل. وقد يكون بعض الناس صريحين. بينما يتوقع الآخرون منك أن تقرأ ما بين السطور. عليه فإن صياغة رسائلك بطريقة صريحة تمنع سوء التواصل.
2 الكتابي مقابل الشفهي:
فبالنسبة لباسكال يعتبر حامل الرسالة أو القناة سببًا شائعًا آخر لسوء التواصل. تعتبر القنوات اللفظية مثل الهاتف أو البريد الصوتي أفضل وسيلة لنقل المعنى الضمني ، بينما القنوات المكتوبة مثل البريد الإلكتروني أو الدردشة الحية أفضل للتواصل الصريح.
3 الجدال والمحادثات التنافسسية:
والجانب السلبي في مثل هذه المحادثات هو أنها تمنعنا من الاقتراب من الفهم. إذا تم استثمار غرورك في حجتك ، فلن تتمكن من تغيير رأيك دون أن تفقد وجاهتك.
4 التحيز السلبي:
والتحيز السلبي منتشر بشكل خاص في القنوات المكتوبة لأن المتلقي يجب أن يقوم بالتفسير الضمني. في نصائحه حول العمل عن بُعد - والتي غالبًا ما تتضمن اعتمادًا كبيرًا على الدردشة - يوصي جريجوري سيوتي بافتراض دائمًا سوء الفهم بدلا من الخبث.
![]() |
أسباب سوء الفهم المتبادل |
5 ضعف مهارات الاستماع:
في حديثه على منصة TedEx ، يجادل جوليان تريجر بأننا نفقد بسرعة مهارات الاستماع لدينا. لقد ألقت بنا تطبيقاتنا الرقمية في حالة مستمرة من الإلهاء ؛ كما تضعنا سماعات الرأس لدينا في فقاعة خاصة.
- 6 - ضعف مهارات التحدث والاستماع:
سبب آخر لسوء التواصل.لزيادة الكفاءة ، يطور الأشخاص داخل المجموعة القريبة طرقهم الخاصة في التحدث - من خلال المصطلحات ، والاختصارات ، والكلمات الطنانة ، وما إلى ذلك.
"Legalese" هو الجاني الآخر.إنها اللغة الرسمية والتقنية التي غالبًا ما تجعل المستندات الحكومية تبدو معقدة للغاية ، مما يجبر الناس على تعيين محامين لقضاياهم القانونية.
هذه الظواهر اللفظية ليست إشكالية طالما بقيت ضمن دائرتك.ومع ذلك ، عند التعامل مع الغرباء ، ستحتاج إلى التكيف.
٨ النماذج العقلية
تتعلق الأسباب المذكورة أعلاه لسوء التواصل بتفسير خاطئ فعلي للمعنى الصريح / الضمني للرسالة. لكن يوجد نوع أكبر من سوء الفهم - نوع يتحدث فيه الناس بالفعل عن نفس الأشياء ، لكنهم يختلفون حول ما تعنيه هذه الأشياء .
ينبع سوء الفهم هذا من اختلاف النماذج العقلية.
سيكون من الرائع لو كنا جميعًا نرى العالم بنفس الطريقة. لكننا لا نفعل.في "ماذا؟ هل قلت حقًا ما أعتقد أنني سمعته؟" ، شارون مورغنيوضح أن أدمغتنا حذف، أساء الفهم أو التفسير وأسئ فهم وفقا لمرشحات التحيز، وموجبات، والافتراضات والمعتقدات والعادات والنماذج العقلية.
هناك في الواقع نقاش معرفيمستمر بين الأذكياء حول ما إذا كان الواقع الموضوعي موجودًا أم لا. لن نتوصل إلى نتيجة هنا ، لكن هذه الحقيقة وحدها تؤكد ثقل النماذج العقلية.
تعليقات
إرسال تعليق