سنوات العولمة: قوة الهويات وتفكيك المركزيات
مضت سنوات العولمة بمقرراتها ومؤسساتها إلى عالم يحكمه التواصل، ويحيله لكيان صلب ناقل للموجات بما تحمله من رسائل، فاخترقت شبكات التواصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعلمية فأصبح متاحاً لكل صاحب صوت أن يقول ولكل العالم أن يسمع، واحتلت أنظمة الاتصال موقعاً مركزياً في بنية الحياة الجديدة وغدت بمثابة النسيج العصبي للمجتمع الانساني.
لعل الاكثرية اليوم هم من يتساءلون كيف يتغير العالم how to change the world الذي تتخلله أحاجي بيل جيتس Bell Gets مقاول بناء الطريق السريع للمعلومات ثم كما ذكرت صحيفة "واشنطن تايمز"، أن غيتس، أعلن في وقت سابق من هذا الشهر أن منظمته الخيرية، ستستثمر مليارات الدولارات في المصانع التي ستركز على تطوير العديد من اللقاحات ضد فايروس كورونا، عند هذه النقطة يزيد عدد من يفكرون في how to go back to normal كيف نعود إلى الوضع الطبيعي للعالم في ظل التغيرات المناخية climate change، والانتشار المتسلسل للأوبئة.
بالمقابل صنع استيف جوبز Steve jobs اهم أدوات وتقنيات السير في ذلك الطريق بل والابحار في مجاهيل شبكة الانترنيت من خلال الصادرات المختلفة من أي فون و آي باد .. فضمن اي ضروب من العولمة نتحاور؟
ربما يبدو نقد كاستلز لعصر المعلومات جديرا بالفحص والتمعن خاصة إذا رأينا أن هناك عمليات إعادة للبناء الاجتماعي وكذلك انقسام الإنتاج إلى معرفي ومادي. ويصف ابن برشلونة Barschlona مانويل كاستلز ذلك المجتمع بأنه قائم على شبكية العلاقات بين الأفراد وانتشار نمط العولمة الاقتصادية واقترانها بتطور وانتشار تقنيات الاتصال والمعلومات مما يسمح بحدوث انقسامات وتناقضات في النسيج الاجتماعي للمجتمع[1]. مما يولد واقعا اجتماعيا جديدا هو مزيج قرية ماكلوهان العالمية ومجتمع مانويل كاستلز الشبكي وامبراطوريات الثنائي مايكروسوفت Microsoft وآبل ماكنتوش Apple في هذه القرية يتجول ما يجاوز المليار من مُستخدمٍي الإنترنت، وما يربو عن ملياري خطّ هاتفٍ نقّال. وأصبح بإمكان ثلثي سكّان الأرض التواصل بفضل الهاتف المحمول، حتى في المناطق التي لا تصلها الكهرباء. وفي أيار/مايو 2006، تم نشر 37 مليون صفحة خاصّة على الانترنت (blog). حيث يتمّ بناء صفحة على الانترنت كلّ ثانية، أي ما يعادل 30 مليون سنوياً... وهكذا بفعل ذلك، ظهر شكل اجتماعيٌّ جديد من التواصل، كثيفٌ دون شكّ لكنّه صادرٌ ومُتلقّى ومحسوس من قبل كلّ فردٍ على حدة." [2].
ويتكون كتاب كاستلز من ثلاثة أجزاء مترابطة ترابطاً وثيقاً, الجزء الأول عنوانه (المجتمع الشبكي The Network Society) ويعرض فيه الملامح الأساسية للمجتمع العالمي الجديد من زاوية بنيته السياسية والاقتصادية والاتصالية. أما الجزء الثاني فعنوانه (قوة الهوية) ويعرض فيه لمختلف أنواع الهويات Identities التي عبرت عن نفسها في مواجهة العولمة.
ولا يمكن لعين المراقب النشط خلال العقدين الأولين من هذا القرن ان تخطيْ ما تركته العولمة من تعقيدات وتأثيرات في المشهد الاتصالي والاعلامي التي أشرنا لبعضها؛ ومع ذلك بقيت الطموحات الوطنية متحدية لإرادة التحكم المركزي ساعية لتوظيف إبجابي للاتصال الإعلامي لتحقيق اهداف التنمية الوطنية.
هذا ما جعل كلا من وولشتاین Wallerstein وكاستلز Castells يبرزان أهمية العولمة الرأسمالية في ميدان الاقتصاد العالمي، وما لذلك من تأثير على ظاهرة اللا مساواة بكل أنواعها. ويتفق منظرو العولمة والرأسمالية العالمية على أن النظام العالمي المعاصر لا يترك مجالا لنشأة الإمبريالية (ص 296). في حين يختلف هذا الرأي مع ما يذهب إليه هارفي ومان اللذان يعتقدان أن الطموح الإمبريالي للأمم ليس أمرا في سجل الماضي..98
وعليه يمكن القول أن الخروج من جو اليقين والتحكم المركزي متعدد الجنسيات،لاستشراف مستقبل النظرية الاتصالية يتأثر بالتطورات الجارية في بنية المجتمع الانساني، كما يتأثر بالتطور في مناهج وأدوات تحليل مستقبل الاجتماع البشري، فعلى المستوى الهيكلي "ترى النظرية الاجتماعية الكلاسيكية أن المجتمع هو عبارة عن أمة - دولة nation - state.. ويعتقد منظروها أن الدولة ستبقى على المستوى العالمي قوة اجتماعية كبيرة في المستقبل القريب والبعيد على حد سواء..
[1] “knowledge is part of the social overheadinvestment of society"
[2]Jens-Christian Smeby :Professionalism in a knowledge society:The academic drift of professional education in the “new” professions , Centre for the Study of Professions Høgskolen i Oslo ~ Oslo University College Working paper no. 07/2006 www.hio.no/sps,p8
[3] PARK, Myung-Jin; CURRAN, James (ed.). De-Westernizing media studies. Psychology Press, 2000.
كل من قال انى عالم فقد جهل
ردحذف