جرد حساب:التكنولوجيا وضياع الحلم الإنساني
جرد حساب: التكنولوجيا وضياع الحلم الإنساني
واذا قمنا بتقييم الوضع الراهن للتكنولوجيا في نواحيها التقنية والمعرفية والتنظيمية فسرعان ما نكتشف الاتي:
١- تقنياً: فشلت التكنولوجيا في تحقيق الحلم الإنساني بالفردوس الأرضي الذي ينعم فيه الإنسان بالأمن والاستقرار، ويفرغ فيه جهده وجهاده من أجل الإعمار وتحقيق نماء مستمر للإنسانية جمعاء، كما فشل كل ما تم تحقيقه من تقدم تكنولوجي في توحيد أبعاد الكرة الأرضية والقضاء على المسافات ومنع العزلة وتحقيق التواصل.
٢- معرفياً: برزت مسألة التواصل المعرفي والاهتمام بالمضمون الاجتماعي للمعرفة والاهتمام بالروابط العقلية التي تربط بين الناس وتجعل التفاهم بينهم ممكناً، فعن طريق المعرفة كما يقول (نيكولاي برديائيف) يستطيع الإنسان أن يخرج من عزلته وانطوائه الذاتي، كما تساعده أيضاً على التغلب على التفكك الناشئ عن التقسيم المكاني والزماني للعالم. والمعرفة في الواقع قوة موحدة في عالم مفكك، والجانب الاجتماعي من المعرفة يعرف بصحته الجميع، والمنطق نفسه الذي هو أساس الاتصال العقلي هو أيضاً ذو طابع اجتماعي، ودرجة الاتصال التي تبلغها المعرفة تعتمد اعتماداً كبيراً على الروح الاجتماعية الموجودة في مجتمع ما، وما دامت الإحالة الموضوعية العقلية تقتضي الإحالة الاجتماعية فينبغي إذن أن تتنوع تبعاً لتنوع المجتمعات(1).
٣- سياسياً وتنظيمياً: ساد الفكر العالمي المرتبط بالاتصال خلال ربع قرن معتقد مفاده أنه لا يجب لأي حاجز أن يعطل تنقل الأنباء بين الأمم، وقد كانت اليونسكو صاحبة هذا المعتقد، وقد وافق ذلك فترة هيمنت فيها الولايات المتحدة على المنظمات الدولية (فكرة التدفق الحر للمعلومات). وقد سعت نظريات المجتمع الجماهيري في النصف الأول من القرن الماضي للتأطير لمجتمع ما بعد الصناعي، تنهض اليوم دعوات للتأسيس لنموذج قياسي للمجتمع الإنساني يتأسس على حقيقة حتمية التواصل والتفاعل القائم بين مكونات المجتمع الكوني كنتيجة مترتبة على تشغيل المبتكرات الاتصالية. اصطلح على تسميته بـ(مجتمع المعرفة/ مجتمع المعلومات).
تعليقات
إرسال تعليق